د. نايف عبدالله مخايش

التحول الرقمي | القيادة الرقمية | التقنية

ركائز مشاريع التحول الرقمي 

لا تخلو خطة استراتيجية حديثة من الإشارة إلى التحول الرقمي وذلك من خلال وضع عدد من المستهدفات التي يتطلب تحقيقها استخدام التقنيات الحديثة. وعند سؤالي لبعض متخصصي التخطيط الإستراتيجي حول سبب إدراج مفهوم التحول الرقمي ضمن مشاريعهم الاستشارية بالرغم أن هذا المصطلح فضفاض ولا يوجد اتفاق على تعريفه؛ وجدت إجابة سطحية في الغالب مفادها أن المنظمات لابد أن تواكب متطلبات العصر وتستخدم التقنيات الحديثة في خدماتها واعمالها. وعندما اعيد طرح السؤال بصيغة أخرى مفادها “لماذا نحتاج هذا النوع من المشاريع؟” أتفاجأ بإجابة تتمحور حول ديمومة المنظمة واستمراريتها. في الحقيقة هذا حق مشروع، ولكن الإجابة التي ابحث عنها دائماً تدور حول القيمة المضافة المقدمة للمستفيدين والعملاء. الأصل في بناء الخطط الاستراتيجية أن تكون بمثابة البوصلة التي توجه كامل المنظمة بجميع إمكاناتها للوصول لرؤية تدور حول خدمة العميل. 

من خلال مشاركاتي في عدد من المشاريع التقنية أجد في الغالب وجود فجوة بين التخطيط الاستراتيجي والتخطيط التشغيلي. إضافة إلى عدم استيعاب غالب الفرق التنفيذية لأهداف المشاريع التي ينفذونها وأين تقع في الصورة الشاملة للمنظمة حسب الخطة الاستراتيجية. لهذا السبب تجد هذه الفرق التنفيذية تركيزها منصباً على المهام التقنية التفصيلية والروتينية. وبمرور الوقت تفقد حماسها والتزامها للتنفيذ وتصبح بيئات غير متجددة تظهر فيها سلوكيات سلبية من شأنها التأثير على التقدم وتحقيق نتائج ذات أثر إيجابي. السبب بسيط حيث يكمُن في أن الغاية النبيلة والهدف الأسمى من هذه المشاريع غائب عن أعضاء الفريق. هم يعيشون في معزل عن الفريق القيادي وغير مدركين الوجهة التي تسير المنظمة نحوها. ومن المؤسف أن يهتم بعض قادة تلك الفرق فقط بتحقيق أرقام المؤشرات دون إثارة حماس والتزام أعضاء الفريق من خلال توضيح الصورة الشاملة للخطة الاستراتيجية ودورهم الفاعل في تحقيقها والتي تدور حول خدمة المستفيدين سواءً داخل او خارج المنظمة. 

لا بد من تصحيح عدد من المفاهيم حول مشاريع التحول الرقمي على سبيل المثال:

مشاريع التحول الرقمي ليست مشاريع تقنية بحته.

مشاريع التحول الرقمي لا تضمن الاستمرار بالمنافسة.

مشاريع التحول الرقمي لا تبدأ من الصفر.

مشاريع التحول الرقمي لا تغفل دور المستفيدين من داخل وخارج المنظمة.

مشاريع التحول الرقمي ليست من مهام إدارة تقنية المعلومات فقط.

مشاريع التحول الرقمي لا ينفذها قسم أو إدارة لوحدها.

مشاريع التحول الرقمي ليست في حد ذاتها غاية.

مشاريع التحول الرقمي ليست مشاريع مؤقتة.

مشاريع التحول الرقمي لا تحل محل التخطيط الاستراتيجي.

مشاريع التحول الرقمي لا يمكن أن تنفذ بمعزل عن بقية المشايع الأخرى بالمنظمة.

لنجاح مشاريع التحول الرقمي لابد من أخذ الركائز التالية في الاعتبار:

اولاً: احتياجات المستفيدين. لابد عند تخطيط أي مشروع تحول رقمي أن تكون القيمة المضافة للمستفيد حاضرة وواضحة. فهم احتياجات العملاء واستيعاب رحلتهم مع الخدمات التي تقدمها المنظمة هي المحرك الأساسي. كما انها تساهم في التخطيط الفاعل واختيار التقنيات المناسبة لتحقيق مستوى رضى كبير لدى العملاء يضمن ولاءهم واستمرارهم

ثانياً: منسوبي المنظمة. جميع الموظفين بغض النظر عن مناصبهم ومهامهم هم في الاصل المحرك الأساسي لأي مشروع تحول رقمي. التواصل معهم وأخذ رأيهم خلال مرحلة التخطيط لمشاريع التحول الرقمي سوف يكون له الأثر الإيجابي والفاعل لنجاح تلك المشاريع. وذلك يعود إلى أن إشراكهم في مراحل التخطيط سوف ينعكس في رفع مستوى الالتزام والمسؤولية. كما أن الاهتمام الفاعل بالتغذية الراجعة من جميع المنسوبين خلال فترة التنفيذ سوف يكون له أثر في تسريع وتصحيح مسار هذه المشاريع.

ثالثاً: عقلية التغيير. مشاريع التحول الرقمي هي مشاريع تحويلية تتطلب تعلم مهارات جديدة وممارسة مهام مختلفة تستغرق وقت وجهد والتزام. كثير من هذه المشاريع تفشل ويكون أثرها سلبي فلذلك لابد من إتّباع منهجيات التغيير والتنفيذ وتكييفها حسب بيئة المنظمة بحيث تضمن الوصول لنتائج إيجابية أو تصحيح المسار بأقل الخسائر.

رابعاً: الابتكار والذي يعد من المصادر الاساسية لمشاريع التحول الرقمي حيث يهدف إلى الخروج عن الطرق التقليدية في خدمة العملاء ودراسة مدى أمكانية الاستفادة من التقنيات الحديثة لتقديم خدمات نوعية. وجود ثقافة الابتكار مع توفر جميع الممكنات لهذه الممارسة والتشجيع عليها ضمن منهجيات تسهل اختبار الأفكار الجديدة التي يمكن أن ينتج عنها خدمات نوعية قد يكون مصدرها حاجة العملاء أو منسوبي المنظمة من خلال الفهم العميق للخدمات التي يعملون عليها.

خامساً: القيادة. لن أسهب في هذه الركيزة الجوهرية كوني اكتب عنها باستمرار ومن عدة زوايا واكتفي بالتركيز على أن نجاح المشاريع وأثرها وديمومتها يتعمد على وجود قائد حصيف يؤمن بالفكر القيادي المتجدد والممارسات القيادية الفاعلة وليس مجرد قائد يصدر قرارات واوامر ومعظم وقته يراقب مؤشرات الأداء دون فهم عميق لها.

سادساً: ثقافة المنظمة هي من العوامل التي لها الأثر القوي في نجاح مشاريع التحول الرقمي. على سبيل المثال عندما يكون هناك تواصل فعّال وتكامل بين الإدارات والاقسام والتفكير بمبادئ العقلية الخارجية؛ فإن أثر ذلك ينعكس على تنفيذ مشاريع التحول الرقمي. في المقابل سوف تتعثر هذه المشاريع إذا وجد شركاء متشاكسون في المنظمة. تغيير الثقافة يتطلب وقت وجهد وصبر واستمرارية دون يأس من قائد المنظمة.

الخلاصة

التحول الرقمي هو وسيلة لتقديم قيمة نوعية متجددة للمستفيدين وليست مجرد مشاريع لمواكبة التطور التقني. مشاريع التحول الرقمي هي مشاريع على مستوى المنظمة تسهم في رعاية العملاء وتطوير الخدمات المقدمة لهم بما يناسب احتياجاتهم ويقدم لهم قيمة مضافة.

أسعد بمشاركة رأيك حول ركائز مشاريع التحول الرقمي والأسباب المساعدة لنجاح هذه المشاريع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *