د. نايف عبدالله مخايش

التحول الرقمي | القيادة الرقمية | التقنية

العقلية أو السلوك

“القادم أجمل” ؛

” نحن قي قارب واحد لذا لنجدّف سوياً في نفس الاتجاه وبنفس القوة حتى نصل لهدفنا المشترك” ؛

 “اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه والباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه” 

هذه أكثر المقولات التي كنت دوماً اكررها مع فريق العمل ولا زلت اعيدها في كل مشروع أو مهمة عمل كوني تماماً مؤمن أنه لا يوجد نجاح فردي مهما كان نوع العمل أو مجاله. تكاتف فريق العمل وتكامل أعمالهم نحو هدف محدد هو ببساطة الدور الرئيسي لأي قائد أو إداري. غالب نظريات الإدارة تدور حول فريق العمل ومن أجمل تعريفات القيادة التي اتبناها التعريفين التاليين: 

  • تعريف كوز وبوزنر : القيادة هي عملية تحفيز الناس وحشد الموارد لتحقيق هدف مشترك.
  • تعريف رون ولينجهام : القيادة هي ممارسة التأثير على الأفراد بحيث يتعاونون في سبيل تحقيق هدف مشترك.

هذه التعريفات تدور حول ثلاثة ركائز:

  • تحمل المسؤولية
  • الأهداف المشتركة 
  • تمكين الآخرين

هذه الركائز لا تخص القائد فقط، بل لابد أن يتبناها كل أعضاء الفريق من منطلق أن الجميع يعمل بتكامل نحو اهداف مشتركة.

تركيزي في هذا المقال سوف يكون منصب على الأهداف المشتركة كوني الاحظ بإستمرار أن هناك من يتحدث عن الاهداف المشتركة وينظّر بها، ولكن بتفحص روتين عملهم وإنجازهم تجدهم منغلقين على أنفسهم ولا يفكرون إلا في إنجاز اعمال الإدارة التي ينتمون لها فقط دون الاكتراث بعمل الجهات الأخرى. ولمعرفة هل هذه الملاحظة يراها غيرى؛ طرحت السؤال التالي على حسابي في  LinkedIn :

تخيل السيناريو التالي: 

قائد فريق التشغيل Operation قرر مع فريقه تحديث جميع الأنظمة في بيئة الاختبار. هذا الإجراء هومن صميم عملهم حيث لاحظوا أن تاريخ البيانات قديم إضافة إلى الحاجة لإضافة بعض التحديثات حسب متطلبات فريق SoC. تم جدولة هذه المهمة بعد ساعات العمل.

في الجهة الأخرى فريق التطوير Development  يعمل على المراحل النهائية من تجربة أحد الخدمات المهمة للمنظمة على بيئة الاختبار. التوقيت مهم لهم والعمل مستمر حتى بعد ساعات الدوام الرسمي كون هذه الخدمة الإلكترونية حالة استثنائية.

بدأ فريق التشغيل بتنفيذ مهمة التحديث وتفاجأ فريق التطوير بعدم مقدرتهم للوصول لبيئة الاختبار بهدف إنجاز ما تبقى من الاختبارات النهائية للخدمة الإلكترونية واطلاقها. لك أن تتخيل كمية الصراع والاستياء عند الفريقين!😊

 لاحظ كل فريق منهم يقوم بعمله على أفضل وجه ومهتم ومنجز عمله.

أين يكمن وجه الخلل من وجهة نظرك؟ 

وكيف يتم حل هذا الخلل حل جذري؟

وكيف تتصرف كقائد لتقنية المعلومات في مثل هذه الحالة؟

اسمع اجاباتكم قبل طرح اجابتي التي لا تتجاوز ٤ كلمات 😊

 كان ذلك هو السؤال الذي طرحته حيث وردتني إجابات رائعة وكان هناك تفاعل جيد على مستوى حسابي في هذه الفترة!! مع أن الإجابات كانت تدور حول سياسات وتكتيكات لمنع مثل هذا الخلل أن يحصل مرة أخرى. هذه الإجابات جيدة ومنطقية، ولكن هي من وجهة نظري بمثابة العلاج المسكن ذو الأثر الموضوعي. الحل كما وعدت في اربع كلمات وهي : تبنّي ثقافة العقلية الخارجية.

احمل خبرة تقنية طويلة من واقع المشاريع التي نفذتها وادرتها أو قدمت استشارات لتنفيذها ولحل مثل هذا الخلل بعقليتي السابقة سوف اصمم إجراء عمل واشرّع سياسات واجبر الجميع يلتزم بها واقف مراقباً عليها. هذا بالطبع بعد عقد سلسلة من الإجتماعات وعواصف ايميلات وخطبات رسمية تتسم بالجفاف والجمود. في الواقع هذا إجراء ليس خاطئ ولكن هناك حل أفضل يدوم أكثر ويحقق نفس المخرجات للحل السابق وبجودة ودقة متناهية إضافة إلى استمتاع الجميع بتطبيقة والالتزام به دون عناء المراقبة كون الدافع داخلي وليس العكس.

هذا الحل يكمن في تأسيسي ثقافة العقلية الخارجية لدى الفريق. العقلية الخارجية بإختصار هي 

  • وعي بالاخرين واحتياجاتهم
  • تكييف الجهود لتكون أكثر فائدة للآخرين

التقييم المستمر بهدف التحسين وتحمل مسؤولية تأثير الاعمال والمهام في الآخرين

بالعودة إلى السؤال السابق فعند تطبيق وتنبني منهجية العقلية الخارجية سوف يسأل كل قائد فريق في إجتماع التحضير لتنفيذ أي مهمة عدة اسئلة مثل: 

  • هل هذا الإجراء سوف يؤثر على بقية الفرق والإدارات الأخرى؟
  • هل نحتاج أن نطلب الدعم والمساعدة من الفرق أو الادارات الأخرى؟ 
  • هل هذا الإجراء يحقق الأهداف الأساسية التي نعمل من أجلها؟
  • هل عملنا متوافق مع الإدارات الأخرى؟

لاحظ هذا عقلية وليست سلوك كون اغلب نماذج الحوكمة وبالذات التقنية تركز على السلوك لذا فهناك ثغرات دائماً بالرغم أن الجميع يعمل وفق المطلوب، ولكن غياب مبدأ العقلية الخارجية يجعل الأثر السلبي لهذه الثغرات كبير ويسبب توتر بين فرق العمل كون الجميع سوف يدعي أنه كان يعمل وفق خطته ويزعم أنه ينجز لتحقيق الأهداف المشتركة ولكن للأسف تفكيرة منصب على نطاق عمله ولا يهتم بمدى تأثير عمله على الفرق الأخرى بالغم أن الأصل في المهام هو التكامل.

تبنّى هذه العقلية تجعل الجميع يفكر دائماً “هل هذا الاجراء يخدم الهدف المشترك وهل سوف يؤثر على الفرق الأخرى التي نعمل معها بتكامل؟ “. تأسيس ثقافة العقلية الخارجية وتطبيقه على حد سواء بين جميع أعضاء الفريق والقادة يجعل القرارات ومخرجات الاجتماعات الدورية فعالة وتحقق مبدأ تكامل العمل لتحقيق أهداف مشتركة (قول وفعل وإجراء) والتي سوف تنعكس ايجاباً على جميع المستفيدين من المنظمة سواء داخلها أو خارجها. 

الخلاصة

الإعتماد على أنظمة الحوكمة ضروري لضمان تحقيق اهداف المنظمة وعمل الادرارت بتكامل. هذه الأنظمة مهما صُممت بعناية إلا انها تحتوي على ثغرات كونها تركز على حوكمة السلوك فقط. تبنّى منهجية العقلية الخارجية وتأصيلها كثقافة بالمنظمة يسهم كثيراً في تجاوز تلك الثغرات وتحقق بشكل عملي وفعال الركائز التي تدور حولها القيادة. 

 أسعد بمشاركة رأيك حول تبنى مبدأ العقلية الخارجية وتأصيله كثقافة بأي منظمة على جميع الأفراد والإدارات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *